فصل: غزو الصغد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.ولاية مسلمة على العراق وخراسان.

ولما فرغ مسلمة بن عبد الملك من حرب بني المهلب ولاه يزيد بن عبد الملك العراق وجمع له ولاية البصرة والكوفة وخراسان فأقر على الكوفة محمد بن عمر بن الوليد وكان قد قام بأمر البصرة بعد بني المهلب شبيب بن الحرث التميمي فبعث عليها مسلمة عبد الرحمن بن سليم الكلبي وعلى شرطتها عمر بن يزيد التميمي وأراد عبد الرحمن أن يقتل شيعة بن المهلب بالبصرة فزله عبد الملك بن بشر ابن مروان وأقر عمر بن يزيد على الشرطة واستعمل مسلمة على خراسان صهره على سعيد بن عبد العزيز بن الحرث بن الحكم بن أبي العباس ويلقب سعيد خدينة ودخل عليه بعض العرب بخراسان وعليه ثياب مصبغة وحوله مرافق مصبغة وسئل عنه لما خرج فقال: خدينة وهي الدهقانة ربة البيت ولما ولاه على خراسان سار إليها فاستعمل شعبة بن ظهر النهشلي على سمرقند فسار إليها وقدم الصغد وكان أهلها كفروا أيام عبد الرحمن بن نعيم ثم عادوا إلى الصلح فوبخ ساكنها من العرب وغيرهم بالجبن فاعتذروا بأمر أميرهم علي بن حبيب العبدي ثم حبس سعيد عمال عبد الرحمن بن عبد الله وأطلقهم ثم حبس عمال يزيد بن المهلب رفع لهم أنهم اختانوا الأموال فعذبهم فمات بعضهم في العذاب وبقي بعضهم بالسجن حتى غزاهم الترك والصغد فأطلقهم.

.العهد لهشام بن عبد الملك والوليد بن يزيد.

لما بعث يزيد بن عبد الملك الجيوش إلى يزيد بن المهلب مع مسلمة أخيه والعباس بن أخيه الوليد قال له العباس: إنا نخاف أن يرجف أهل العراق بموتك ويبث ذلك في أعضادنا وأشار عليه بالعهد لعبد العزيز أخيه بن الوليد وبلغ ذلك مسلمة فجاءه وقال: أخوك أحق فإن ابنك لم يبلغ وأشار عليه بأخيه هشام وابنه الوليد من بعده والوليد ابن إحدى عشرة سنة فبايع لهما كذلك ثم بلغ ابنه الوليد فكان إذا رآه يقول بيني وبين من قدم هشاما عليك.

.غزوة الترك.

لما ولي سعيد خراسان استضعفه الناس وسموه خدينة واستعمل شعبه على سمرقند ثم عزله كما مر وولى مكانه عثمان بن عبد الله بن مطرف بن الشخير فطمعت الترك وبعثهم خاقان إلى الصغد وعلى الترك كورصول وأقبلوا حتى نزلوا قصر الباهلي وفيه مائة أهل بيت بذراريهم وكتبوا إلى عثمان بسمرقند وخافوا أن يبطئ المدد فصالحوا الترك على أربعين ألفا وأعطوهم سبعة عشر رجلا رهينة وندب عثمان الناس فانتدب المسيب بن بشر الرياحي ومعه أربع آلاف من سائر القبائل فقال لهم المسيب: من أراد الغزو والصبر على الموت فليتقدم فرجع عنه ألف وقالها بعد فرسخ فرجع ألف آخر ثم أعادها ثالثة بعد فرسخ فاعتزله ألف وسار حتى كان على فرسخين من العدو فأخبره بعض الدهاقين بقتل الرهائن وميعادهم غدا وقال أصحابي ثلثمائة مقاتل وهم معكم فبعث المسيب إلى القصر رجلين عجميا وعربيا يأتيانه بالخبر فجاؤا في ليلة مظلمة وقد أجرت الترك الماء بدائر القصر لئلا يصل إليه أحد فصاح بهما فقالا له اسكت وادع لنا فلانا فأعلماه قرب العسكر وسألا هل عندكم امتناع غدا؟ فقال: لهما نحن مستميتون فرجعا إلى المسيب فأخبره فعزم على تبييت الترك وبايعه أصحابه على الموت وساروا يومهم إلى الليل ولما أمسى حثهم على الصبر وقال: ليكن شعاركم يا محمد ولا تتبعوا موليا واعقروا الدواب فإنه أشد عليهم وليست بكم قلة فإن سبعمائة سيف لا يضرب بها في عسكر إلا أوهنته وإن كثر أهله ثم دنوا من العسكر في السحر وثار الترك وخالطهم المسلمون وعقروا الدواب وترجل المسيب في أصحابه له فقاتلوا قتالا شديدا وقتل عظيم من عظماء الترك فانهزم ونادى منادي المسيب لاتتبعوهم واقصدوا القصر واحملوا من فيه ولا تحملوا من متاعهم إلا المال ومن حمل إمرأة أو صبيا أو ضعيفا حسبة فأجره على الله وإلا فله أربعون درهما وحملوا من في القصر إلى سمرقند ورجع الترك من الغد فلم يروا في القصر أحدا ورأوا قتلاهم فقالوا: لم يكن الذين جاؤنا بالأمس.

.غزو الصغد.

ولما كان من انتقاض االصغد إعانتهم على المسلمين ما ذكرنا تجهز سعيد لغزوهم وعبر النهر فلقيه الترك وطائفة من الصغد فهزمهم المسلمون ونهاهم سعيد عن اتباعهم وقال هم جباية أمير المؤمنين فانكفوا عنهم ثم سار المسلمون إلى واد بينهم وبين المرج فقطعه بعض العسكر وقد أكمن لهم الترك فخرجوا عليهم وانهزم المسلمون إلى الوادي وقيل بل كان المنهزمون مسلحة للمسلمين وكان فيمن قتل شعبة بن ظهر في خمسين رجلا وجاء الأمير والناس فانهزم العدو وكان سعيد إذا بعث سرية فأصابوا وغنموا وسبوا رد السبي وعاقب فثقل سعيد على الناس وضعفوه ولما رجع من هذه الغزاة وكان سورة بن الأبجر قد قال لحيان النبطي يوم أمر سعيد بالكف عن الصغد وانهم جباية امير المؤمنين فقال: سورة إرجع عنهم يا حيان فقال: عقيرة الله لا أدعها فقال انصرف يانبطي قال: أنبط الله وجهك فحقدها عليه سورة وأغزى به سعيد خدينة وقال: إنه أفسد خراسان على قتيبة ويثب عليك ويتحصن ببعض القلاع له سعيد: لا يسمع هذا منك أحد ثم حاول عليه وسقاه لبنا قد ألقى فيه ذهبا مسحوقا ثم ركض الناس معه أربعة فراسخ فعاش حيان من بعدها ليالي قلائل ومات.